Abo Ashraf Soliman
عـزيــزي الزائــر / عزيزتــي الزائــرة

يرجــى التكــــرم بالتسجيـــل فـي الملتقى كـي ننـال شــرف إنضمــامـكم إلى أســرة الملتقى
شكــــراً لكــــم
مــع تحياتــي المديــر العــام / Abo Ashraf Soliman
Abo Ashraf Soliman
عـزيــزي الزائــر / عزيزتــي الزائــرة

يرجــى التكــــرم بالتسجيـــل فـي الملتقى كـي ننـال شــرف إنضمــامـكم إلى أســرة الملتقى
شكــــراً لكــــم
مــع تحياتــي المديــر العــام / Abo Ashraf Soliman
Abo Ashraf Soliman
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

Abo Ashraf Soliman



 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 الشيخ الحويني (بين اليقظة والغفلة)

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
أمة الله

أمة الله


عدد المساهمات : 76
نقاط : 228
تاريخ التسجيل : 29/11/2009

الشيخ الحويني (بين اليقظة والغفلة) Empty
مُساهمةموضوع: الشيخ الحويني (بين اليقظة والغفلة)   الشيخ الحويني (بين اليقظة والغفلة) Icon_minitimeالجمعة ديسمبر 11, 2009 2:52 pm

(بين اليقظة والغفلة)

أن الحمد لله تعالى نحمده ونستعين به ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله تعالى فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وشر الأمور محدثاتهما، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

المقدمة :

درسنا هذا المساء سلسلة بعنوان مدرسة الحياة و كنت قديما أردت أن نبدأ هذا الدرس الذي هو عبارة عن تجارب العلماء و الحكماء و الوزراء فى شتى أمور الحياة المختلفة و الذي نسميه نحن بالتجربة ، فإن التجربة من أعون ما يعين العبد على تأمل الأحداث الجارية ، و ما من حدث مضى إلا و الذي يأتى شبيه به مع اختلاف الشخوص ، إنما يحتاج المرء إلى التأمل ليدرك العظة و العبرة فيما مضي ليستعين عليه فى حياته الحاضرة .

و كان على بن ابى طالب – رضي الله عنه – قد لخص هذه المسألة بقوله : " و استدل على ما لم يكن بما كان ، فإن الأمور اشتباه " ، و الله تبارك و تعالى أمرنا كثيرا جدا فى القرآن بتدبر أحوال السابقين فإذا عصوا الله تبارك وتعالى فحاق بهم و نزل بهم العذاب فلا ينبغى لعاقل متأمل درس حياة الأمم أن يقع فيما وقع فيه الذي سلف ، فيهلك مثلما هلكوا ، و النبى صلى الله عليه و سلم كان يقول و هو يحذر من زهرة الحياة الدنيا : " ما الفقر أخشى عليكم و لكن أخشى أن تبسط لكم الدنيا فتنافسوها فتهلككم كما أهلكت من سبقكم " فالذي تكالب على الدنيا هلك ، فلا ينبغي لأهل العقل و اللب أن يقع فيما وقع فيه من سبق ، وقال الله عز وجل : " إنما يتذكر أولوا الألباب " و العقل سمي لباً و عقلاً و حجراً و نهية و المعنى المشترك بين كل هذه الاسماء هو الكف .

إسم ( عقل ) يقال من عقلت البعير أي قيدته ، فالعقل هو الذي يقيدك عما يشين .

و اسمه ( حجر ) لأنه يهجر على صاحبه فلا يتصرف كما يشتهى .

واسمه ( نهية ) و جمعة نهى و هى مؤخوذة من النهى .

و علماؤنا و لاسيما الذين لهم قدم صدق لهم مئات بل ألوف من التجارب فى الدعوة و الصبر على الأذي و فى معاملة المخالف و المؤالف و معاملت الأولاد و الزوجات و الأجانب ، كل هذا جملة حياة أي انسان ، فرأيت أن ابسط المقالة من خلال كتاب صيد الخاطر – لإبن الجوزي – و الذي أشدت به أكثر من مرة مع التحذير من بعض المواقع التى أخطأ فيها ابن الجوزي ولاسيما فى باب العقيدة .

فرأيت أن اتحف هذا الجمع بما جمعته أكثر من عشرين سنة من تجارب العلماء و من أقوالهم و أفعالهم .

ومما يدل على أن التجربة ممدوحة و انه يمكن أن يعلق الحكم بها ما صح – وهو فى الصحيحين – فى قصة معراج النى صلى الله عليه وسلم الى السماء و مراجعة موسي عليه السلام للنبى صلى الله عليه وسلم فى فرض الصلاوات لما سأله ماذا أعطاك ربك ؟ قال أمرنى بخمسين صلاة فى اليوم والليلة قال موسي : ارجع إلى ربك فسأله التخفيف فإنى جربت الناس قبلك و انى عالجت بنى اسرائيل أشد المعالجة و أن أمتك لن تستطيع . . . فستدل بالتجربه لأنه جرب الناس قبل النبى صلى الله عليه وسلم ، و من عادة أكثر الناس أن تنفسخ عزائمهم ، فإذا فرض عليهم خمسون صلاة ضيعها . و قد ضيع كثير من الناس الصلاوات الخمس مع خفة مؤنتها وعظيم أجرها .

و كان عمر بن الخطاب يقول : " إن من ضيع الصلاة فهو لما سواها أضيع " . فتأمل حال أي رجل عق ربه تبارك و تعالى و ترك الصلاة التى هى أعظم الأركان العملية مطلقا و التى لا تسقط أبدا عن العبد إلا بالجنون المطبق ، حتى أن الفقهاء قالوا إذا أفاق العبد لزمته الصلاة ، و كثير من الناس لا تجب عليه الزكاة لفقره أو لا يحب عليه الصيام لمرضه أو لا يحب عليه الحج لعجزه – ليس عنده زاد و لا راحلة – فيسقط كل هذا من العاجز إلا الصلاة ، قال صلى الله عليه وسلم : " صلى قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب " بل رخص فى الإيماء - و الايماء يكون بالرأس فقط و ليس بتحريك الجزع كما يفعل الكثيرون – فالذي عق ربه ووقع فى هذه الكبيرة لو نظرت إلى حياته لوجته غير وفي لأنه عق ربه تبارك و تعالى و كل نعمة و كل خير يرفل فيها هذا العبد انما هى من الله " و ما بكم من نعمة فمن الله " سبحانه وتعالى .

فالقصد أن موسي عليه السلام رجع إلى التجربة ووعظ النبي صلى الله عليه وسلم بما سلف له مع الناس و هذا باب نافع يحتاج إليه أهل العلم و طلبة العلم أحوج من غيرهم لأنهم يلابسون الناس و يحتاجون إلى طريق أهل العلم فى معالجة الناس على إختلاف صنوفهم .

يقول ابن الجوزي في بيان سبب الغفلة و قسوة القلب و تبخر أثار الموعظة :

" قد يعرض عند سماع المواعظ للسامع يقظة ، فإذا انفصل عن مجلس الذكر عادت القساوة و الغفلة ! فتدبرة السبب في ذلك فعرفته .

ثم رأيت الناس يتفاوتون في ذلك ، فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفته من اليقظه عند سماع الموعظة و بعدها ، لسببين :

و هذا كلام رجل مجرب ، ابن الجوزي اشهر واعظى الاسلام قاطبة ، وله فى الوعظ كلام كان يقوله على البديهة تحار فيه القلوب ، و ما أعلم واعظ رزق كثرة السامعين و تأثرهم مثله فكان يحضر مجلسه الخليفة فى مقدمة الحضور و كان يحضر مجلسه أكثر من 100 ألف و أسلم على يدية أكثر من 200 ألف و اما العصاة اللذين رجعوا عن المعاصي لوعظه و قوة لفظه و جرسه فحدث و لاحرج بالألوف المؤلفة و له كتب فى الوعظ كثيرة .

يقول ابن الجوزي :

فالحالة العامة أن القلب لا يكون على صفته من اليقظه عند سماع الموعظة و بعدها ، لسببين :

أحدهما : أن المواعظ كالسياط ، و السياط لا تؤلم بعد انقضائها إيلامها وقت و قوعها .

و انت تجد الفرق بين سماع الموعظة المباشرة و بين سماع الشريط لهذة المحاضرة ، فأنت الأن تسمع الكلام يؤثر فيك ، قلبك مفتوح و اذنك – الطريق المباشر للقلب – مفتوحة ، فإذا اخذت الشريط بعد انتهاء المحاضرة إلى البيت لسماعه تكون إما مشغولا أو نائما أو مشغول بفكرة معينة فيذهب نصف تركيزك فلا يكون للكلام ذلك الوقع بسبب اختلاف الحالة قبل الكلام و بعده .

مثلا : اذا جئت إلى المسجد فوجدت مسرحا و مجموعة من الممثلين يريدون التمثيل فماذا يكون رد فعلك حتى و لو لم تكن من أهل الالتزام ؟؟ تغضب أشد الغضب .

فإذا عكسنا المثال ، أي مسرحا ثم انفرج الستار عن واحد مثلى يعظ الناس ، يقول لهم " الموت قادم " عنوان المحاضرة . . . سيغضب الحاضرون و يثورون . . . لماذا ؟

لأنه عندما جاء فرغ قلبه و فتح اذنه على لون معين هو يحتاج اليه ، لذلك نحن ننكر أشد الانكار الذين يجعلون ملاعب لتنس الطاولة فى الدور الارضي للمساجد و يتصور الغافل أن الذين يلعبون فى النوادي هكذا يلعبون بالمسجد فإذا اذن للصلاة يترك اللعب و يذهب للصلاة فنكون هذكا قد كسبنا هذا الشاب ... ولا يدري الأثرالسلبى لهذا الفعل . . . فالولد الذي يريد اللعب يقول " هيا بنا لنلعب بمسجد ابن تيمية " و أغلب هؤلاء ان لم يكن هناك رقيب يستمرون باللعب بعد الاذان فصار المسجد ملعبا و هذا نفسيا له اثر سلبى أن يذهب بهاء المسجد و حشمته و تأثيره على الناس .

فالقلب فى حال الموعظة له شأن و بعد الموعظة له شأن آخر بسبب تفتت عزمه .

والسبب الثانى الذي وضع ابن الجوزي يده عليه قال :

و الثاني : أن حالة سماع المواعظ يكون الإنسان فيها مزاح العلة ، قد تخلى بجسمه و فكره عن أسباب الدنيا ، و أنصت بحضور قلبه ، فإذا عاد إلى الشواغل اجتذبته بآفاتها ، وكيف يصح أن يكون كما كان ؟ .

إذا قوة القلب و ضعف القلب مرهونه بملابسة العلة للقلب ، و انا أوضح حال القلب حتى تتمكن من ازالة العلة بعد وقت سماع الموعظة :

هذا القلب نشبه بالقصر ، و هذا القصر له فناء و هذا الفناء أكثر عرضة للإتساخ و احتماع الاتربة من القصر .

فالصدر هو فناء القلب ، فأي شيطان غير مدرب ألقى سهما على القلب و القلب موصد انما يقع السهم فى فناء القلب ، فالصدر هو مجمع الأفات فلذلك قال الله تبارك و تعالى : " قل أعوذ برب الناس ، ملك الناس ، إله الناس ، من شر الوسواس الخناس ، الذي يوسوس فى صدور الناس ، من الجنة والناس " فالوسوسة أول ما تقع تقع فى فناء القلب ، فإذا تصورنا عاصفة ترابية هبت سوف تردم فناء القصر ، فلو كان ساكن هذا القصر قد تدارك الأمر و أغلق النوافذ و الأبواب و الفتحات يكون التراب داخل القصر قليل ، لكن اذا ترك النوافذ و الابواب مفتوحة سيدخل إلى داخل القصر بقدر النافذة .

و اذا كان صاحب القصر يحب النظافة فإنه يجمع عمل القر جميعا بعد انتهاء العاصفة لتنظيف و كنس الفناء أما اذا كان رجلا مهملا روث القصر و لم يبنه و لم يعانى عليه يترك الفناء بلا نظافة فإذا جاءت عاصفة تلو عاصفة تلو أخري فلا تصلح المكانس حين أذن لأن التراب تكدس .

فإذا اراد ان ينظف هذا التراب يحتج إلى مجهود كبير . . . كذلك القلب .

الشيطان يغير على القلب ، صاحب القلب الواعى يعرف مداخل الشيطان ، أول ما تنتهى العاصفة مباشرة يكنس و ينظف ، فيسهل عليه و هذا حال اللذين أمنوا اذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون .

فالقلب حين اذن يحتاج لعناية بالغة و أول درجات العناية أن تهتم بفناء القلب .

كل الوساوس و الخواطر السيئة التى يلقيها الشيطان على القلب تكنسها أول بأول فتكون هكذا قد حميت قلبك .

و الشيطان كعدو لنا يستخدم ما يستخدمه اعداؤنا فى الدنيا ، ففى الحروب الجيوش اذا ارادت ان تزحف تثير الدخان الكثيف و تزحف من تحت الدخان حتى لا تري . . كذلك الشيطان يزحف تحت الدخان !! فما هو دخان الشيطان ؟؟ الشبهات .

تعرض لك شبة ، تهمل فى سؤال أهل العلم ، فيحدث عندك جرأة . بل قد تستشير من تعلم سلفا أنه غير مؤتمن أو جاهل فيقول لك : " ربنا رب قلوب " ، " المهم القلب " و يتكرر هذا الأمر كثيرا حتى يتجرأ على المشي فى منطقة الشبهات و هذه الجرأة توصله تلقائيا لمنطقة المحرمات و اذا ضربنا المثل بثلاث مناطق : منطقة الحلال و منطقة الحرام ومنطقة الشبهات فالانسان الذي فى منطقة الحلال يستحيل عليه دائما الوصول الى منطقة الحرام ذلك لأن الذي بينه و بين منطقة الحرام منطقة الشبهات و قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حديث ابن نعمان : " حلال بين و حرام بين بينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس " . اما الذي يصل إلى منطقة الحرام هو الذي فى منطقة الشبهات يسير فيها حتى يصل الى الجدار الذي بين الشبة والحرام ، ثم مع اي ضيعف يصل إلى منطقة الحرام .

اذا عندما يلقى عليك الشيطان شبهات كثيرة – و يعرف هذا المعنى الذي امتحنه الله تبارك وتعالى بالوسواس القهري - و الوسواس القهري حالة لا ارادية تهجم على القلب ، لا يستطيع المرء لها دفعا الا بصعوبة بالغة ، و أغلبها يبدأ صغير ثم يكبر ، حتى يصل إلى الشك فى ذات الله ، و أنا ما جاءنى رجل ابتلى بهذا الوسواس القهري الا و هو يك فى ذات الله ، ويسمع شتائم الله عز وجل فى صدره من أقبح ما أنت سامع أقلها هو الكفر المجرد ، وهو يموت و يذبل لماذا ؟؟ لأنه يخشي أن يموت على الكفر ، يسمع الأذان سب ، يسمع القرآن سب لله عز وجل و هو اذا سمع الكلام ينتفض من الخوف و الفزع ان ينشرح قلبه لهذا فيموت على الكفر . هذه الحالة سببها الإهمال لأنه وجد الوسواس الخناس قديما فسكت ، و لم يهتم ، و ظن أن المسألة مسألة مؤقته حتى استفحل أمره فبعدما كان ساكن خارج فناء القلب سكن فى فناء القلب ثم دخل القلب .

فكلام ابن الجوزي هنا أن حياة القلب بقدر ازاحة العلة عنه ، و العلل كلها قادمة من وسوسة الشيطان ، و من رحمة الله تبارك وتعالى أنه وصف الشيطان بأنه خناس أي ( اذا ذكرت الله تبارك وتعالى خنس و ضعف و صغر وحقر حتى يصير كالذبابة ) كما قال النبى صلى الله عليه وسلم ، و ابن الجوزي هنا وضع سببين و هناك اسباب كثيرة ذكرها فى ثنايا هذا الكتاب مفرقة فيما يتعلق بمرض القلب ، يقول ابن الجوزي :

و هذه حالة تعم الخلق إلا أن أرباب اليقظة يتفاوتون في بقاء الأثر - أى أثر الموعظة - فمنهم من يعزم بلا تردد ، و يمضي من غير التفات – يعنى يسمع الموعظة كل همه ان يترجم هذه الموعظة واقع فمثلا سمع كلام فى الأمانة فعقد العزم على أن يكون أمينا فى الحال ، خرج إلى الحياة ليكون أمينا ، وقاطع رحمه خاصة أباه و أمه و إخوته فسمع كلا الله و رسوله فى مسألة الوصال و ترك معاقبة الجانى و التجاوز عن المسيء فعزم بلا تردد ان يخرج من المسجد الى الذي تصارم معه ليصل حبله . . . ما أعطي نفسه فرصة يفكر و يتذكر الأسي و لا المواقف الشائنة التى فعلها فلان وفلان لأنها تصده وهذه ايضا من العلل التى ينبغى أن تزاح ، أهل اليقظة يزيحون العلة ثم يمضون بلا تردد وبلا التفات - فلو توقف بهم ركب الطبع لضجوا – وركب الطبع يعنى مثلا انت اذا تخاصمت مع أحد و نحاول أن نلين قلبك تقول : أصل أنا عصبي . . . هكذا وضعت عقبة بيننا و بينك ، كأننا نطرق على الحديد البارد ، فلا تركب جواد الطبع فإن جواد الطبع يسير مع ركب الشيطان ، وعمربن الخطاب رضي الله عنه كان من أشد الناس و كان من أصلبهم فى الجاهلية و كان من أكثر الناس بكاء فى الاسلام ، رق طبعه لأنه استسلم للشرع و هذا هو الفرق ما بين أهل الالتزام على الحقيقة وأهل الجهل حتى و لو تزيوا بزي الالتزام ، وهذه آفة نعانى منها كثيرا و خصوصا فى وسط اخواننا الذين يحسبون على هذا التيار ، رجل متسنن أعفى لحيته ، قصر قميصه يحضر الصلاة فى الجماعات ، سيماه سيمة أهل التدين والالتزام كثير منهم يركب جواد الطبع ، مع أن المفترض أن يكون أسيرا فى يد الشريعة ، هى التى توجهه و تأمره و تنهاه ، و يعرف قد العبد و التزامه بهذه الخصيصة ، فلا تقل : " أنا طبعى كده " " أنا جبلت على هذا " لأن الله عز وجل أرسل رسوله صلى الله عليه و سلم ليحملك على مكارم الأخلاق حتى و لو كانت خلاف الطبع . . . هذا هو كلام ابن الجوزي . . لو توقف قليلا و فكر لركب جواد الطبع و لرجع القهقرا .

اذا المطلوب منك : سمعت الموعظة ، اعقد العزم الأن بلا تردد و المضي بلا التفات الى غايتك التى أمرك الشرع أن تصل اليها . . . لا تفكر تصل إلى هناك ، حتى لو قبلت رأس خصمك حتى لو كان هو المخطئ ، قال صلى الله عليه و سلم : " ليس الواصل بالمكافئ و لكن الواصل من اذا انقطعت رحمه وصلها " معنى الحديث : ليس الواصل أي الذي يكتب واصلا عند الله ليس هو المكافئ أي الذي يكافئ زيارتك بزيارته فى مقابلها ، يقابل هديتك بهديته فى مقابلها ، ليس هذا هو الواصل عند الله ، فإن جواد الطبع يرشح لك هذا الفعل ، رجل أعطاك هدية اذا أنت اذا ذهبت إليه تصطحب معك هدية و ان لم تكن معك هدية تؤخر الزيارة ، جواد يرشح لك هذا الفعل ، احسان فى مقابل إحسان ، لكن الشريعة تخالف جواد الطبع هنا ، ليس الواصل المكتوب واصلا عند الله هو الذي يكافئ و لكن الواصل عند الله من اذا انقطعت رحمه وصلها ، هذا هو الذي يكتب عند الله واصلا . . . لماذا ؟ لأنه سبح ضد تيار الطبع ، فلا تركب جواد الطبع فإن جواد الطبع يسير مع ركب الشيطان غالبا .

يقول ابن الجوزي :

فمنهم من يعزم بلا تردد ، و يمضي من غير التفات ، كما قال حنظلة عن نفسه : نافق حنظلة !

سوف ننظر فى حديث حنظلة إلى جواد الطبع كيف هو ؟ حديث حنظلة رواه مسلم فى كتاب التوبة و رواه الترمذي و ابن ماجة و أحمد وغيرهم من حديث أبي عثمان النهدي ، عن حنظلة الأسيدي أنه لقي أبو بكر الصديق فقال : كيف أنت ؟ يا حنظلة ! قال ، قلت : نافق حنظلة ، قال : سبحان الله ! ما تقول ؟ قال : قلت : نكون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم : ، يذكرنا بالنار والجنة ، حتى كأنا رأي عين - ( أي عندما يكلمنا على النار كأننا ننظر إلى النار حقيقة و اذا كلمنا عن الجنة فكأنما فتح باب الجنة أمامنا ننظر إلى ما وعد الله عز وجل عباده و رسوله صلى الله عليه و سلم فترق القلوب و تذرف العيون و يكون كل التطلع للآخرة و كل الخوف من النار ) - ، فإذا خرجنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، فنسينا كثيرا ( و فى روايات أخري : و ضحكنا مع الأولاد و النساء و نسينا كثيرا مما سمعنا ) ومع هذا التباين بكاء شديد مع النبى صلى الله عليه و سلم ثم ضحك وصف حنظلة نفسه بالنفاق ، قال أبو بكر : فو الله ! إنا لنلقى مثل هذا ، فانطلقت أنا وأبو بكر ، حتى دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم : ، قلت : نافق حنظلة ، يا رسول الله ! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مه ( أي لا تقل ذلك ) و ما ذاك ؟ ، قلت : يا رسول الله ! نكون عندك ، تذكرنا بالنار والجنة ، حتى كأنا رأي عين ، فإذا خرجنا من عندك ، عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ، نسينا كثيرا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : والذي نفسي بيده ! إن لو تدومون على ما تكونون عندي ، وفي الذكر ، لصافحتكم الملائكة على فرشكم وفي طرقكم ، ولكن ، يا حنظلة ! ساعة وساعة . ثلاث مرات . أي ألهوا ساعة و اذكر ساعة ، فالنبى صلى الله عليه وسلم يبين لحنظلة ان الله تبارك وتعالى لما خلق الإنسان ركب فيه هذه الآية ، هذا التباين من تمام خلق النفس ، جواد الطبع ابعد حنظلة عن تأثير الذكر ، جواد الطبع الذي قال فيه (عافسنا الأزواج والأولاد والضيعات ) ، هذا جواد الطبع ، حب الابن حب طبع ، تحب امرأتك لجمالها ووفائها و خلقها و ما ركبه الله عز وجل من ميل الرجل إلى المرأة و ميل المرأة إلى الرجل ، والضيعات هى الأملاك ومحبة الانسان للمال معروفة كما قال صلى الله عليه وسلم : " يشيب ابن آدم و قلبه شاب فى حب إثنين حب المال وحب البقاء " اذا هذا جواد الطبع فيبعد عن تأثير الذكر و قد رخص النبي صلى الله عليه و سلم ان يلاعب امرأته و ان يلاعب ابنه ، ان يهتم بماله و أنه لا حرج عليه بشرط ألا يستغرق عمره كله فى مثل هذا . . .
و بكل أسف فهموا ( ساعة وساعة ) على هواهم ، وما دري هؤلاء الجهلة أن ساعة القلب لا تكون إلا بذكر الرب ، حياة القلب إنما هى بذكر الله عز وجل طمأنينة و راحة بال ، هذا لا يكون إلا بذكر الله ، فهذا الأحمق لما قال ساعة لقلبك فكأن ذكر الله عز وجل يهيج القلب و يتعبه لذلك هو سيدخل فى اللهو الباطل ساعة وساعة لله مع أن الله تبارك وتعالى يقول : " الذين آمنوا و تطمئن قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب " هذا خلاصة الطب النفسي كله ، قرأت احصائيات تقول أن 20 % من الشعب المصري مستعدون للإصابة بالاكتئاب و عيادات الاطباء النفسين مزدحمة ، و كذلك المشعوذين . . . وما سبب كا هذا ؟ سببه الخوف من عدو مجهول خائف من الغد ، خائف لا يدري من ماذا !! معه أموال تكفيه أربع سنوات مثلا فيخاف من السنة الخامسة ، لا يستمتع بالاربعة سنوات ، خائف دائما من الفقر ، قال تعالى " الشيطان يعدكم الفقر " ينفث دائما فى قلب العبد و اذنه فيظل خائفا و يضيع عمره ، و لو انه جعل قلبه لله لكان كما قال صلى الله عليه وسلم : " لو توكلتم على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدوا خماصا وتعود بطانا " أي تذهب و لا يوجد فى معدتها أي طعام و تعود مليئة معدتها .

سأقول لك فكرة ، فرضاً أنت افتقرت وضاقت الدنيا فى وجهك ولم يرحمك مخلوق ألا يوجد ورق شجر ( ورق الشجر هذا رصيد حُر لك ) تأكل منه ، فقد كان الصحابة يأكلون ورق الشجر. قال سعد بن أبى وقاص : " حتى كان الواحد منا اذا ذهب يضع ( أى يقضى حاجته ويتغوط يضع كما تضع الشاه لا خلط فيه " وعتبة بن غزوان يقول " أكلنا ورق الشجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تقرحت أشداقنا " ولم يموتوا بل بالعكس كانوا من أقوى الناس قلوباً وسواعد ، والحرب كانت تعتمد على قوة الساعد – كانوا أبطالاً – إذاً لا تخف مطلقاً لا سيما إذا اعتمد قلبك على الله تبارك وتعالى ، ولم يُذْكر لفظ الإطمئنان إلا للقلب حتى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال " الصدق طُمأنينة " لأن هذا هو عمل القلب على الحقيقة فلفظة الإطمئنان ومطمئن إنما تتعلق بالقلب تعلقاً مباشراً . فهؤلاء عندما قالوا : ساعة لقلبك وساعة لربك أجرموا جداً فى هذه العبارة ، وهى عبارة مخذولة فإن ساعة القلب على الحقيقة هى ساعة ذكره للرب تبارك وتعالى . وكانت النتيجة أن كل الساعات له وليس لربه ساعة . وساعة لقلبك كان برنامج يُقَال فيه النكات حتى يضحك ثلاث وأربع ساعات باللهو الباطل والاستهزاء بعباد الله .

الخلاصة : أن النبى صلى الله عليه وسلم لما " ساعة وساعة " أي فى مجلس الذكر ساعة فإذا لاصلاح شأنك وذهبت لمعالجة حظ نفسك فان الله عز وجل يعفو عن هذا ، ولذلك النبى صلى الله عليه وسلم أباح بعض اللهو قال : " كل لهوٍ باطل إلا ملاعبة الرجل لامرأته ولفرسه ، والمشى بين الغرضين " – المقصود به الرماية - ، فحنظلة إنما شعر بالنفاق لأنه ركب جواد الطبع وجواد الطبع يُبحر فى ناحية وجواد الذكر يبحر فى ناحية أخرى ، فابن الجوزى يقصد بذكر حديث حنظلة أنه _ أى حنظلة – عقد العزم بلا تردد ونظر الى الآفة التى دخلت على قلبه وطلب لها العلاج فى أنه ذهب الى النبى صلى الله عليه وسلم يشكو له ما يجد .

نعود لابن الجوزي فى تصنيفه لأصناف الناس عند الموعظة يتفاوتون " فمنهم من يعزم بلا تردد ، و يمضي من غير التفات " وهذه هى الطائفة الفاضلة " و منهم أقوام يميل بهم الطبع إلى الغفلة أحياناً ، و يدعوهم ما تقدم من المواعظ إلى العمل أحياناً ، فهم كالسنبلة تميلها الرياح ! " أي مرة يميل هكذا ومرة يميل هكذا ، يعنى قلبه يحتفظ بالشحنة شيئا قليلا ، ينتفع بها ثم يعود إلى البرود مرة آخري ، فمثل هذا من أحوج الناس إلى ملابسة الموعظة دائما ، كلما يخبو الأوار الذي فى قلبه يذهب مرة أخري لمحطة الوقود ليتزود حتى يعينه على السير ، " و أقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه " و مثل هؤلاء ينحون فى المجالس ، مثلا تكلمنا عن الجنة والنار يصرخ أحد من هنا و آخر من هنا و يظهر هذا جليا اذا قرأ القاري القرآن فتجده يصرخ لدرجة انه يضيع صلاة من بجانبه من كثرة الصراخ و كان ابن سيرين ينكر هذا اشد الانكار ، وكان أنس بن مالك يقول لما سمع هذا اللون من البكاء و أول ما ظهر هذا اللون ظهر على عباد البصرة و كثرت فيهم الاغماءات عند سماع القرآن و أنس ابن مالك بصري أيضا فكان يقول : ما كان اصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم كذلك ، و كانوا أتقى الناس لله عز وجل بل كانوا اذا سمعوا القرآن تلين جلودهم و قلوبهم و كنت تسمع لهم خنينا وهو البكاء المكتوم اذا اثرت الموعظة فيهم ، فالصنف الأخير الذي ذكره ابن الجوزي " و أقوام لا يؤثر فيهم إلا بمقدار سماعه، كماء دحرجته على صفوان " فالصفوان هو الحجر الأملس الكبير فينزل الماء عن الحجر و لا يمتصه و لا ينتفع به .

أقول قولى هذا و أستغفر الله لى ولكم
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
الشيخ الحويني (بين اليقظة والغفلة)
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» عقد بنت الشيخ الحويني-كلمة الشيخ النقيب-الحرب على الإسلام والمسلمين
» عقد بنت الشيخ الحويني-كلمة الشيخ العدوي-الكفر بالقوانين الوضعية
» عقد بنت الشيخ الحويني-كلمة الشيخ يعقوب-الأصول العلمية للدعوة السلفية في الزواج
» عقد بنت الشيخ الحويني-كلمة الشيخ حسان-أخطار تهدد الأسرة وأمراض الأمة
» الشيخ الحويني (ما هو الحل)

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
Abo Ashraf Soliman :: ۩۞۩» مكتوبـــات ومفرغـــات ۩۞۩» :: ۩۞۩» خطــب ودروس مفرغــة ۩۞۩»-
انتقل الى: